2018-04-24

قراءه فى بعض ارقام موازنه 2019 لمصر

بسم الله الرحمن الرحيم
ربما تكون مشاركه طويله لكن من وجهه نظرى مفيده لمن يهتم بالحاله الاقتصاديه
- الحقيقه انا اخترت بعض الارقام التى لها علاقه مباشره بمعدلات النمو وتحقيق التنميه الاقتصاديه ، وما ادهشنى شخصيا ان المؤسسات الماليه العالميه مثل موديز والبنك الدولى اعلنت ان معدلات النمو لعام 2019 للاقتصاد المصرى ستكون بين 5%-5.3% ، فى حين ان الحكومه المصريه فى البيانات الايضاحيه للموازنه اعلنت استهداف 5.8% ثم فاجأتنا من ايام قليله باعلان مستهدف 6.2% لمعدل النمو ، مافيش شك ان الطموح حلو برضوا 😁 بس يا ترى هل الارقام المستخلصه من الموازنه العامه 2019 تقدر تلبى معدلات النمو ده ؟؟
- خلينا الاول نتطرق لمفهوم اسمه " التكوين الرأسمالى" اللى يشار اليه بالاستثمار(رأس مال ثابت ( الالات ومعدات واراضى ومبانى+ التغير فى المخزون سواء الخام او تحت الشغيل او تام الصنع) وهو الدافع الاساسى لتحقيق نمو اقتصادى من خلال زياده الناتج المحلى الاجمالى ومن وقت ادم سميث والتأكيد على اهميه الاستثمار وتراكم رأس المال ومهما اختلفت المدارس الاقتصاديه فى كيفيه توليد الاستثمار وتراكمه الا انها اجمعت على اهميه التكوين الرأسمالى فى عمليه التنميه ، والحقيقه ان دور الدوله فى تحقيق معدلات نمو مرتفعه عن طريق الانفاق الاستثمارى العام باقامه مشاريع تنمويه وتحسين البنيه التحتيه ومن ثم جذب الانفاق الاستثمارى الخاص دور هام جدا (علاقه تكامليه) ، وبنظره على ارقام الاستثمار(الانفاق الرأسمالى) نلاقى انه ارتفع من 135مليار فى تقديرات 2018 الى 148.5 مليار ( مشروع موازنه2019) يعنى تقريبا زياده 10% هل الزياده دى تفى على سبيل المثال بتحقيق معدلات نمو مستهدفه زى اللى قالت عليها الحكومه ؟! فى بعض البلدان زى النمور الاسيويه كان نسبه الاستثمار الحكومى بتصل الى اكتر من 26% وفى الصين وصلت الى 41% من اجمالى الناتج المحلى ، مع افساح المجال للقطاع الخاص فى الاستثمار بدون مزاحمته فى الاقتراض الداخلى ونتيجته رفع اسعار الفائده ، او الدفع بالاستثمارات لتصب فى صالح جهه واحده لا تستفيد منها الدوله بضرائب (عسكره الاقتصاد المصرى)
- عندنا عجز كلى للموازنه 439 مليار جنيه مع اضافه 276 مليار سداد قروض يعنى عندنا فجوه تمويليه تقدر 715 مليار جنيه ضيف منهم 439 مليار على حجم الدين الاصلى اللى تجاوز 4.5 تريليون جنيه يعنى الدين تقريبا يصل الى 5 تريليون جنيه ومقدر ان حجم الناتج الاجمالى المحلى يصل الى 3750مليار يعنى حجم الدين نسبته تصل الى 130% من اجمالى الناتج المحلى ، وللاخوه اللى بيرددوا كلام ان كل دول العالم المتقدم مديونه وديونها بتتجاوز الناتج المحلى زى اليابان اللى وصلت نسبه الديون فيها الى 240% من اجمالى الناتج الملحى ، احب اقولهم ان الدول دى مش بتستخدم ديونها فى سد عجز الفجوه التمويليه اللى عندها لكن بتستخدمها فى مشاريع انتاجيه بتدر دخل تسدد بيه اصل القرض وفوائده ومشاريع لها قيمه مضافه بالنسبه للاقتصاد يعنى فائده مزدوجه ، والحقيقه ان مصر فى النشره الموسعه المودعه فى بورصه لوكسمبورج لاقتراض 4 مليار دولار عبر طرح سندات دوليه قالت انه يمكن ان يكون للديون تأثير سلبى على الاقتصاد المصرى وقدرته على خدمه ديونه وبعدها بشهرين اضافت مصر وصف "مستويات عاليه من المخاطر" نظرا لارتفاع اجمالى الديون 🤔🤔
- من الارقام اللافته للنظر هنا هو حجم الانفاق الحكومى (المصروفات) اللى وصل الى اكثرمن تريليون و400 مليار جنيه ، حجم فوائد الديون بس 541 مليار جنيه يعنى تقريبا 38% منه ، يعنى حوالى55% من الايرادات المتوقعه للدوله (990مليار جنيه بتغطى 69.5%من المصروفات) وعندنا حوالى 266 مليار اجور ومرتبات و332 مليار للدعم والمنح والمزايا الاجتماعيه ، يعنى وصلنا الى تريليون و100مليار جنيه تقريبا وبالتالى الباقى هو حوالى 300 مليار هو حصيله الدوله فى النفقات الجاريه على التعليم والصحه والبنيه التحتيه والانفاق الرأسمالى ، فى ظل تواضع مخصصات التعليم والصحه ومخالفتها للحد الادنى اللى نص عليه الدستور(ما بين 2%-3% من الناتج المحلى الاجمالى) وبالمناسبه الدعم ما حصلش فيه اى زياده عن السنه الماضيه ولكن الدعم انخفض جدا على الكهرباء بنسبه 48% والمواد البتروليه بمتوسط 22% وده هنشوف اثره كمان شهرين
- كنت اتكلمت قبل كده عن المؤسسات النقديه زى صندوق النقد الدولى وغيره وقلت ان المؤسسات دى ، هى اداه من اداوت الهيمنه والاستعمار الامريكى الاقتصادى ، ومن الحاجات الخبيثه اللى بيضحك بيها صندوق النقد الدولى على العامه من الناس وغير المتخصصين ما يعرف بالعجز الاولى والعجز الكلى(عجز ما قبل الانفاق على فوائد الدين وبعد اضافه الانفاق على فوائد الدين) ، وايهام الناس ان سياسته ناجحه فى تقليل العجز ، وهو للاسف ينجح فقط فى الضغط على المسؤلين فى تخفيض العجز الاولى (تخفيض الانفاق على كل شىء الا تخفيض الانفاق على فوائد الدين) وجعل مسأله فوائد الدين مسأله قدريه لا مفر منها ، تسخر الدوله كل مواردها لتفى بسداد فوائد قروضها وتستمر الدوله فى حلقه جهنميه من الاستدانه لسداد دين قديم وفوائده باقتراض دين جديد ، ثم يحدثونا بعد ذلك عن استقرار مؤشرات الاقتصاد الكلى وعن نمو وهمى لا يشعر به اكثر من 80% من السكان
والخلاصه هل فى ظل تواضع ارقام الاستثمارات وزياده عجز الموازنه الهيكلى وتزايد الفجوه التمويليه مع توقع بانخفاض اخر فى قيمه الجنيه وارتفاع اسعار الفائده المرجح خلال الفتره القليله القادمه وايضا مرجح ارتفاع سعر برميل البترول عن 68 دولار كما هو مقدر فى الموازنه ، هل كل هذه التحديات للاقتصاد المصرى تجعله يحقق الارقام المعلن عنها ؟! شخصيا اشك فى ذلك