2016-11-01

فقاعه الدولار بين الحقيقه والوهم

بسم الله الرحمن الرحيم
بمناسبه ففقاعه الدولار واخوانا الاعزاء ، اللى بيرددوا كلام عن فقاعه الدولار من وقت ما كان سعره 12 جنيه وكان كل شويه يطلعوا يبشروا ان انهيار الدولار قادم وعند 13 جنيه خلاص الكل يبيع وبعدها لما وقف عند 16 جنيه نفس الكلام اتكرر  ، طب حاليا الدولار تخطى حاجز 18 جنيه .... يا ترى امتى المره الجايه  هنسمع نفس الكلام !  
طب يا سيدى لو بتتكلم عن فقاعه الدولار سعادتك تعرف الاول يعنى ايه فقاعه  ويعنى ايه اسبابها ومراحلها ويا ترى تقدر تتعايش مع الفقاعه دى لفترات زمنيه كبيره ولا لاء ويا ترى الفقاعه دى اسبابها اقتصاديه فقط ولا كمان لها اسباب سيكلوجيه !
الحقيقه انا مش عايز ادخل فى موضوع تأصيل الفقاعه لانه الموضوع كبير وهياخد مساحه كبيره فى الكتابه ، لكن ببساطه كده 
 العالم كله بيعيش فى فقاعه ماليه واقتصاديه من بعد فك الارتباط مع الذهب لاتفاقيه بريتون وودز عام 1971 ومع صعود السلفيه الرأسماليه فى حقبه الثمانينات زى ريجان فى امريكا وتاتشر فى بريطانيا بدءت الحلقات الصغيره فى الفقاعه تنفجر وشوفنا الاقتصاد الامريكى واليابانى على وجه الخصوص بيعانوا  وبعد كده ظهرت فقاعه التكنولوجى فى التسعينات وبعدها فقاعه الائتمان اللى كان من نتايجها ظهور الفقاعه العقاريه  فى عام 2008 ، وعندنا ادله كتير على ان العالم بيعيش فى فقاعه منها ان الاقتصاد العالمى منذ تقريبا منتصف التسعينات بيعيش فى مرحله من مراحل الفقاعه وهى hyper inflation  وبعيد عن التعريف الاكاديمى للمصطلح ده لكن من اهم ملامح هذه المرحله ان اسعار الاصول والذهب والاوراق الماليه بتكون مقيمه باعلى من قيمتها الحقيقيه ، واحنا فى مصر بنعيش الحاله دى ، وهى ان كل السلع والخدمات بقيت اسعارها مبالغ فيها بالاضافه الى ان القطاع الخدمى عندما يسود الاقتصاد اعرف انك فى فقاعه وهو الحاصل لمصر ، بحسب تقرير البنك المركزى ان القطاع الخدمى برغم تراجع السياحه هو اكبر قطاع اسهاما فى الاقتصاد المصرى
وبما ان الدولار زى ما بنقول بقا سلعه  تخضع للعرض والطلب ... والسؤال هنا يا ترى انت عالجت اسباب زياده الطلب على الدولار ؟  احنا بنتكلم عن تعويم فى ظل فقاعه يا ترى المهم حاليا التعويم ولا ما بعد التعويم ! بمعنى هل فكرت فى تنميه مصادرك الدولاريه اللى هى فى تراجع مستمر ولا الموضوع ماشى بسياسه على ما تفرج ! ويا ترى لو بنتكلم عن سعر عادل للدولار بيساوى 12 جنيه هل اصبح السعر ده فعلا مقنع لحائزى الدولار انهم يتخلوا عنه ؟
الاسئله دى مدخل ان الفقاعه مش بس اسبابها اقتصادى ولكن مع تطور علم السلوك الانسانى وعلم الدماغ ، عن طريق مسح ضوئى للجمجمه  ومناطق اتخاذ القرارات الماليه والاقتصاديه وجدوا ان هذه المناطق اكثرا تفاعلا مع زياده النقود ، واتعرف بعد كده مصطلح " الوهم المالى " اللى هو السبب الاساسى تقريبا فى ظهور الفقاعات مع انى عايز اشير الى حاجه مهمه ان جذور الاقتصاد الرأسمالى تحمل بداخلها ظهور الفقاعات طالما هناك توسع فى الائنمان وطالما ان هناك منظور خاطىء يرى ان الحكومه هى السبب وليست الحل استنادا الى قاعده " دعه يعمل دعه يمر" لادم سميث
الجانب السيكولوجى فى موضوع الفقاعه جانب مهم جدا لان الناس عندها خلط وعدم فهم وتقدير لقيمه النقود الحقيقيه فى ظل وجود التضخم وهو منشأ فكره الوهم  المالى مش بس للفرد العادى ولكن ايضا لصانع القرار الاقتصادى ، وقد يرى البعض ان سعر سلعه معينه مبالغ فيه فى حين من يقوم بالشراء يعتقد ان سعرها مناسب سواء لقضاء احتياجه منها او لاعاده بيعها مره اخرى وهو ما يعرف" بنظريه المغفل الاكبر" وفى ظل التحوط وعدم الثقه فى الاقتصاد تظهر القرارات غير الرشيده المرتكزه على النزعه الحيوانيه كما يسميه علماء الاقتصاد فى التعايش لفترات كبيره مع الفقاعه الى ان نصل الى ما يعرف بمرحله الهوس والجنون mania
واعتقد اننا فى مصر لم نصل بعد الى ما يعرف بهوس الدولار dollar mania فما زال الكثير يعتقدون - بعد ان فقدوا الثقه فى عملتهم المحليه - ان الثلاث اوعيه التضخميه ، الدولار، الذهب ، العقار هى الانسب حاليا للحفاظ على مدخراتهم وعندما نصل الى مرحله الهوس بالدولار وهى مرحله اشبه بمرحله الاجماع الثيرانى فى التحليل الفنى bullish consensus وهى المرحله التى يسطير فيها التفكير بان تراجع الدولار لن يحدث ، وقتها نكون قد وصلنا الى نهايه الطريق ( bubble brust)
السؤال الهام حاليا ... هل وصلنا الى هذه المرحله حاليا لتنفجر فقاعه الدولار ؟
فى تقديرى اننا لم نصل بعد الى هذه المرحله طالما ان اسباب الفقاعه موجوده وطالما لم يتوازن الطلب مع العرض وربما نرى نوبات خوف فقط تدفع البعض للبيع ثم يعاود الدولار مره ثانيه الارتفاع ،  ولا سبيل كما قلت سابقا لاحداث التوازن بين جانبى العرض والطلب الا باصلاح البيئه السياسه المحتقنه وزياده الانتاج  ليس فقط الاستهلاكى ولكن الانتاج الذى له قيمه مضافه فى الاقتصاد المصرى