2016-11-05

النظره السلبيه لرفع اسعار الفائده والحلول الممكنه

بسم الله الرحمن الرحيم
فى خضم الاحداث اللى مرت بيها مصر بالامس ، وكان الجميع تقريبا بيتكلم عن التعويم ، وقليل من الناس اتكلم عن قرار سعر الفائده ورفعه 3% مره واحده -كان توقعنا يرفعه 2%- وطبعا الموافقه على قانون الخدمه المدنيه فى عز الزحمه اتنسى خالص ، عموما مش عارف ليه دايما الناس لما بتتكلم عن رفع سعر الفائده دائما وابدا بيتكلموا عن الجانب السلبى فقط ، خصوصا تأثيره على الاستثمار ، وبحكم ان الاقتصاد جزء من دراستى تحضرنى جمله اتعلمناها فى اول سنه لدبلومه الاقتصاد وهى "ان المتغيرات الاقتصاديه لا تعمل فى الفراغ" فالاقتصاد علم اجتماعى يتأثربباقى العلوم ويؤثر فيها ، وان المتغيرات الاقتصاديه تأثيرها قد يكون متشابك فى احيان كثيره لذلك دائما وابدا هتلاحظ جمله "مع ثبات العوامل الاخرى " وبالتالى فان صانع القرار الاقتصادى انا دايما بشبه بالدكتور اللى بيشخص الحاله وبيوصف العلاج الصحيح للمريض بحيث ان اثاره الجانبيه لا تؤثر على اختلالات باقى وظائف الجسم او انه يكون عنده القدره على ادارك ان جسد المريض يتحمل هذه الاثار الجانبيه ، والاقتصاد المصرى اصبح جسدا عليلا تنهش فيه كافه الامراض ، وربما القائمين على الامور الاقتصاديه فى مصر ادرى منا بهذا الشأن ان كان الاقتصاد المصرى يقوى على تحمل المتغيرات الاقتصاديه المتشابكه برغم تحفظى الشديد على هذه الجمله وعدم ثقتى فيهم ، فانا عندى ثقه وايمان لا يتزعزع ان هؤلاء القوم جاءوا للهدم وليس البناء
 عموما سعر الفائده كأحد المتغيرات الاقتصاديه ،  يؤثر ايجابا او سلبا حسب حاله الاقتصاد الكليه ويتأثر ينمط السلوك الاجتماعى للشعوب ، ولكن للاسف معظم اللى بيتكلم دايما عن رفع سعر الفائده اشعر انه بينقل الكلام الدارج والمعلب عن رفع سعر الفائده دون اسقاط هذا الكلام على الحاله محل البحث ، وكنا اتكلمنا قبل كده عن حاله الشعب المصرى فى حال رفع سعر الفائده وجد ان سلوك الطبقه المتوسطه يميل الى زياده الاستهلادك عنه فى الطبقات الغنيه ، طبعا الانفاق الاستهلاكى اتكلمنا عنه وعن اهميته فى الاقتصاد وان ازاى دوله مثل امريكا بيمثل الانفاق الاستهلاكى فيها حوالى 70% من اقتصادها وحاليا الصين بتنتهج سياسه اخرى بتنشيط التجاره الداخليه والاعتماد على الانفاق الاستهلاكى لمعالجه مشاكلها الاقتصاديه بدلا من الاعتماد فقط على تنشيط التجاره الخارجيه ، وفى حاله النمط السلوكى لمصر نلاحظ ان ارتفاع سعر الفائده مناقض تماما لما هو معروف اقتصاديا من ان رفع سعر الفائده يؤثر على الانفاق الاستهلاكى العام والخاص وفى منشور للبنك المركزى المصرى بتاريخ 22/9/2016 تحدث فيه عن المساهمه الايجابيه للانفاق الاستهلاكى عن الانفاق الاستثمارى فى زياده الطلب الكلى المحلى وبالتالى زياده الناتج المحلى الاجمالى ، و فى تقديرنا الخاص ان رفع سعر الفائده الموجه لاغراض مثل خلق طلب على العمله المحليه ومنع الدولره وكبح التضخم قد يكون الغرض منه - اذا احسنا الظن بصانع القرار فى مصر - هو تنشيط الطلب المحلى بزياده الانفاق الاستهلاكى المرتبط بسلوك اجتماعى وضحناه سابقا والمعتمد على التعداد السكانى الكبير الذى يمثل سوقا جاذبا للاستثمار فيه اذا ما اهتمت الحكومه بازاله المعوقات الاستثماريه
الحقيقه انتقاد كتير من الناس لرفع سعر الفائده بانه بيأثر على الاستثمار بيرجعنا لسؤال مهم جدا وهو هل رفع سعر الفائده لوحده هو السبب فى التأثير على الاستثمار؟ الاجابه بالتأكيد لا، لان زى ما قلنا سابقا ان السبب الاساسى المؤثر على الاستثمار هو احتقان البيئه السياسيه ، ضيف اليه ان بيئه الاستثمار فى مصر هى بيئه طارده للاستثمار بدايه من معوقات الاستثمار كبيئه تشريعيه ، واجراءات روتينيه ورشاوى ، وانتهاءا بعسكره الاقتصاد ومنافسه الجيش للقطاع الخاص وبمزايا ممنوحه له لا تعطى لغيره ، وكمان معدلات التضخم المرتفعه وعدم استقرار سعر الصرف واخيرا النظام الضريبى ، واخر 3 عوامل دول بيكونوا مؤثرين بدرجه كبيره على اى مستثمر لبناء قرارات استثماريه لعده سنوات على اساس سعر صرف مستقر نسبيا ونظام ضريبى ثابت ، يعنى احنا عندنا منظومه فساد وتطفيش للاستثمار كفيله بتطفيش اى مستثمر مش بس سعر الفائده  ، وهفاجىء الناس لما نلجأ الى ارقام واحصائيات ونعرف منها ان القطاع المصرفى على سبيل المثال انحرف عن الدور المنوط به فى  مسانده الاقتصاد المصرى  ودوره فى التمويل للمشاريع بشكل عام وللقطاع الصناعى بشكل خاص ،  لما نعرف ان البنوك بتتحوط لنفسها بعمولات ونسب مخاطره تصل بسعر الاقتراض الى 18% للقطاع الصناعى والكلام ده منذ سنوات فى حين دوله زى الامارات بتصل النسبه فيها الى 2%-3% ، يعنى حاليا تكلفه الاقتراض عاليه جدا للقطاع الصناعى اعلى من سعر الفائده اللى الناس بتتكلم عنه وبتقول هيوقف الاستثمار ، ومن المفترض ان القطاع الصناعى هو اكبر قطاع بيساهم فى الناتج المحلى الاجمالى وبعد كده بنشكى ليه ما عندناش انتاج  وليه الاستثمار قليل لذلك القطاع المصرفى مطالب باعاده النظر فى سياسته التمويليه للقطاع الصناعى بدلا من اقتصار دوره على الاستثمار فى سندات واذون الخزانه كأستثمار امن ويحقق عائد مرتفع يصل الى 16%  وده احد مشاكل الاستثمار الموجوده فى مصر ... طب هى المشاكل وقفت لحد كده كمعوقات للاستثمار ! لاء طبعا فالمشاكل موجوده بدايه من القرارات الاداريه زى موضوع الطاقه ومساواه الشركات التى تنتج سلعا استراتيجيه او سلع للتصدير بباقى الشركات التى تنتج سلعا كماليه ، دون اعطاء مزايا حقيقيه زى الاعفاءات الضريبيه لمناطق جغرافيه معينه او لصناعات بعينها او حتى تقديم دعم مادى لصناعات بعينها لتشجيع الاستثمار ومساعده الشركات التى تساهم فى الاقتصاد بقيمه مضافه ، وتعالى كمان للاستثمار الاجنبى المباشر اللى مصدعين دماغنا بيه هنلاقى ان هيكل الاستثمار المباشر معظمه متركز فى قطاع البترول اللى هو قطاع قليل العماله وان هذا الاستثمار مركز فقط فى قطاع الاستخراجات يعنى مافيش اى قيمه مضافه منه للاقتصاد المصرى ده غير انه اكبر قطاع فيه فساد 
يا جماعه تجربه ماليزيا وسنغافوره تجارب تدرس فى توجيه الاستثمارات الاجنبيه للقطاعات اللى بتحتاجها البلد واللى لها قيمه مضافه للاقتصاد سواء بتشغيل وتدريب ايدى عامله اواستيراد التكنولوجى الحديث للارتقاء بمستوى الانتاج المحلى للتنافس خارجيا ، يعنى ببساطه برغم ارتفاع سعر الفائده الا انه يمكن التغلب عليها بافكار سهله وبسيطه وبحلول ممكنه لو كانت الاراده السياسيه موجوده وانا ما زلت بكرر واقول ان الاراده السياسيه هى الاساس ولو عايز تعرف اى بلد سياستها صح بص لاقتصادها
بالنسبه لارتفاع سعر الفائده وتأثيره على البورصه واعتقد ان كتير من الناس رأيه فى سعر الفائده بيتأثر سلبا بهذا الموضوع خصوصا ان معظم من ينتقد ارتفاع سعر الفائده من له صله مباشره بالبورصه ، وطبعا الاثر السلبى موجود ولكن ليس على اطلاقه فالشركات ذات النمو السنوى المرتفع والمستقر لن تتأثر بهذا القرار ، ومن وجهه نظرى الشخصيه ان المتداولين فى البورصه - معظهم خسران منذ الازمه العالميه عام 2008-  سيكلوجيا ما بين الخوف من تحويل الخسائر الدفتريه الى خسائر حقيقيه وما بين الامل فى تعويض خسائرهم وبالتالى سيمتنعون عن تحويل سيولتهم الى البنوك لودائع بعائد تصل ما بين 15%-20% ، قما زال الاستثمار فى البورصه هو ارخص استثمار، والفرص اليوميه التى يتحيها السوق لا تنتهى ، وحتى السيوله المترقبه للدخول فى البورصه اذا احسنا اداره البورصه فالمنطقى ان تدخل هذه السيوله للبورصه ولا تذهب كودائع فى البنوك ، واعتقد ان السيوله متواجده بالفعل فى السوق المصرى ولكنها تتحين الفرص كما ان تدهور العمله المحليه وارتفاع التضخم سيدفع كافه الاصول الثابته والورقيه لما يعرف "باعاده التقييم" للمحافظه على قيم الشركات المدرجه فى البورصه ، حتى الشركات ذات الانتاج الضعيف فى ظل وجود معدلات تضخم عاليه تحافظ على وجودها طالما هناك بيع باسعار عاليه نتيجه للتضخم ، لذلك اعتقد ان الفتره القادمه -برغم المعوقات الموجوده - ستشهد مزيدا من ارتفاعات البورصه نتيجه لاعاده تقييم الاصول الورقيه - بفرض استقرار العوامل الاخرى واهمها القلاقل السياسيه والاجتماعيه- وبغض النظر عما اذا كان هذا الارتفاع معبرا ويعكس بصوره واقعيه اداء الاقتصاد المصرى ، او معبرا عن بعض الاسهم القويه ماليا وذات معدلات النمو السنويه الكبيره المستقره
والخلاصه  ان معوقات الاستثمار لا تكمن فقط فى رفع اسعار الفائده ولكن المعوقات كثيره خصوصا فى ظل عدم وضوح الرؤيا السياسيه والاقتصاديه وفى ظل بيئه لا تتسم بالشفافيه والوضوح برغم ان الحلول سهله وممكنه فى استيعاب اى اثر سلبى لرفع الفائده ونحن وضحنا جزءا من هذه الحلول فى هذه المشاركه لدفع عجله الاستثمار ، كما ان الاثر السلبى على البورصه لن يكون بالقدر الذى يبدوا مبالغا فيه فى بعض الكتابات ويمكن تفاديه باعطاء اولويه اكثر لهذا القطاع وتغيير النظره اليه باعتباره قطاع تمويلى لا يحمل الشركات اعباء تكاليف تمويليه مرهقه