بمناسبه التوترات الجيوسياسيه والعناوين الكبيره عن احتماليه قيام حرب نوويه بين امريكا وكوريا الشماليه (وفى الاخر كله هيطلع فشنك) ، والطبيعى اننا هنلاقى الاقتصاديين التقلديين والمحللين هيطلعوا يقولوا ان هبوط الاسواق تأثر بهذه التوترات وان المستثمرين ابدوا خوفهم وقلقهم من هذه التوترات وبالتالى ذهبوا ليستثمروا فى الملاذات الامنه
الحقيقه انا كنت اتكلمت قبل كده عما يعرف بعلم الاجتماعيات ودوره فى اسواق المال ويرمز اليه اختصارا THE SOCIONOMIC ، النظريه دى بتقدم تفسيرات مختلفه عن التفسيرات اللى بيقدمها الاقتصاديون التقليديون فى تفسير حركه الاسواق ، زى مثلا لما بيحصل احداث سلبيه زى هجمات ارهابيه او حدوث ازمات كبيره بين الدول ونلاقى الاسواق بعدها هبطت لمجرد ايام بسيطه ونتفاجأ بعدها بصعود الاسواق مره تانيه زى ماحصل من وقت قريب ايام البريكست
لكن النظريه دى بتشكك فى التفسيرات المعلبه دى ، والشارتين الموجودين دليل على كده ، فاول شارت بيوضح رد فعل الداو على اغتيال الرئيس الامريكى جون كيندى فى اواخر عام 1963، ونشوف ازى بعدها بيوم واحد كان الداو بيغلق اعلى يوم الهبوط اللى تم اغتيال كيندى فيه ، والشارت التانى بيوضح ان هبوط الداو ايام هجمات 11/9/2001 كان جزء من هبوط قائم نتيجه فقاعه التكنولوجيا فى تسعينيات القرن الماضى ثم بدايه انتشار الاخبار عن الجمره الخبيثه وبرغم الحدث الاكبر وهو 11/9/2001 الى ان السوق الامريكى استوعب الحدث بعد الهبوط لمده 5 ايام وارتد صعودا لمده 6 اشهر بعدها
ملخص الكلام عن هذه النظريه انها بتقدم تفسيرات تبدو عكس التفسيرات التقليديه زى مثلا ان هبوط الاسواق بيحصل نتيجه للكوراث واخبار الحروب وما الى ذلك فى حين هذه النظريه بتقدم تفسيرات عكسيه ، من ان المزاج الاجتماعى السلبى المسيطر على محموع المتداولين هو اللى بيدفع الاسواق للهبوط والعكس فى حاله كان المزاج الاجتماعى ايجابى ، وبتشرح سيكولوجيه التفاعل فى كلا الحالتين فطبيعى ان اى فرد لما بيكون متفائل فدائما بيكون منطلق فى تفكيره وبيخطط للمستقبل بتفاؤل وطبيعى ان مجموع المحيطين بهذا الشخص يتأثروا بهذا التفاؤل وهكذا وبالتالى دائما فى الاتجاه الصاعد بيتم التغافل عن الاخبار السلبيه فى ظل هذا المناخ من التفاؤل ، وعلى العكس من ذلك عندما يسيطر مناخ الخوف والتشاؤم على تفكير اى شخص فالطبيعى تبعا للحاله المزاجيه له ينكمش فى تفكيره ويصبح اكثر خوفا وحرصا فى نظرته للمستقبل وبالتالى يعم هذا المناخ كل المحيطين به وهو ما ينقلنا الى ما يعرف بسلوك الحشود (herd mentality ) الناشىء عن التأثر بالمجموع وفى ظل العولمه اصبح هناك ما يعرف Global Social Mood وكان من اثاره ما نراه اليوم من تأثر الاسواق الماليه ببعضها وكل ذلك يتم بضغطه زر على الكمبيوتر لنرى ما يحدث فى باقى الاسواق وبالتالى التأثر سلبا او ايجابا بها
والغريب انه بدء الحديث فى اخر ما قرأت عن هذه النظريه ان التساؤل الحالى فى الاوساط الامريكيه ، عن عزل ترامب وهل المزاج الاجتماعى الايجابى للشعب الامريكى يمكن ان ينقذه من هذه المقصله التى تعد له فى الكونجرس الامريكى ! لنعلم ان هذه النظريه بدءت تأخذ مجراها من الاهتمام فى تفسير ظواهر حتى خارج الاسواق الماليه
وربما فى الفترات الاخيره كنت اتسائل عما يحدث فى الاسواق الماليه خصوصا بعد 2008 وان هناك بعض من الاصنام تم هدمها فى تفسير بعض ما يحدث فى هذه الاسواق ، وكنت اقول ان النظريات التقليديه لم تعد قادره على تقديم المزيد من التفسيرات وان الجانب السيكلوجى هو من يستيطع تقديم الحلول ، وقد اشرت الى ان بعض من المعاهد قد انشئت لدراسه تأثير القرارات الاقتصاديه للمتداولين تحت الضغط النفسى والعصبى ولكنى فوجئت ايضا بهذه النظريه التى تربط الجانب الاجتماعى بالاقتصادى واعتقد ان هذه انظريه تقدم حلول واقعيه لبعض الظواهر التى لم يجد الاقتصاديون التقليديون تفسيرا لها ، واحد هذه الظواهر هو الارتداد الذى حدث عام 2009 بالرغم من انه لم يكن هناك ما يدعوا الى هذا الارتداد من الناحيه الاقتصاديه او السياسيه والتفسير الوحيد الذى اقنعنى شخصيا وقدم تقريبا - على ما اتذكر - من احد المحللين البريطانيين ان الارتداد من قاع الازمه العالميه سببه سيكلوجى فقط وان المتداولين فى الاسواق الماليه قد بلغوا من اليأس مبلغه وانهم غير قادرين على تحمل المزيد من الهبوط فحدث الارتداد
الخلاصه ان العناوين الكبيره سواء كانت ايجابيه او سلبيه ليست هى السبب فى صعود او هبوط الاسواق وان هذه التفسيرات وان كانت منطقيه فى بعض الاحيان الا انها ليست المحرك الاساسى فى صعود او هبوط الاسواق ، ولكن المزاج الاجتماعى سواء الايجابى او السلبى هو ما يدفع هذه الاسواق للحركه فى اتجاه معين