2017-10-01

النظام الضريبى الامريكى

بسم الله الرحمن الرحيم
تذكرت وانا بقرء عن الاصلاحات الضريبيه اللى عايز يعملها ترامب ، ايام الدراسه فى الجامعه لما كنا بندرس فى المحاسبه الضريبيه عن النظام الضريبى الامريكى واد ايه هو نظام ضريبى معقد واد ايه يعتبر دبح بمعنى الكلمه للممول الامريكى لانه بيتم فرضه على 3 مستويات :- اولها المستوى المركزى ثم مستوى الولايه واخيرا مستوى البلديه والمستوى الاول (الفيدرالى ) يهتم عاده بالضرائب المباشره على ادخل اما الولايه فتهتم اكثر بالضرائب غير المباشره على الانفاق(ضريبه المبيعات) اما البلديات فتهتم بالضرائب على رأس المال (ابرزها الضرائب العقاريه) ، وان اساس النظام الضريبى هو الدخل الفردى للاشخاص الطبيعين ومن بعده الشركات ، والغريب فى الامر ان الممول الامريكى هو اكثر الممولين التزاما بدفع الضرائب على مستوى العالم عكس الممول الفرنسى مثلا الاكثر تهربا منها على مستوى العالم ، الحقيقه كان الموضوع ده مثار اندهاش عندى وما زال حتى اللحظه 
اهم ما لفت نظرى فى التعديلات الجديده انهم عايزين يقللوا الحد الاعلى للشريحه الضريبيه ويخفضوا ضرائب الشركات من 35%(فى المتوسط) الى 20% وخفض شريحه الضرائب على الافراد من 39% الى 35% ورفع حد الاعفاء الضريبى للافلااد (تقريبا على حد معلوماتى حتى 2013 كان الاعفاء لكل شخص حوالى 3900 دولار)
الحقيقه انا مش عايز اخوض فى تفاصيل النظام الضريبى الامريكى لكن احب انوه الى ان صرامه النظام الامريكى يقابله تحقيق عداله ضريبيه واجتماعيه كبيره ، صحيح ان مافيش نظام  وضعى يرقى الى منزله الزكاه فى الاسلام مثلا لكن الانظمه الوضعيه بتحاول بقدر المستطاع التوازن بيت الكفاءه الاقتصاديه والعداله الاجتماعيه
انا حبيت اتكلم عن النظام الضريبى الامريكى واهم حاجه فيه التخفضيات الممنوحه للشركات لتحقيق ازدهار سواء للشركات ومن ثم تحقيق معدلات نمو اقتصاديه مرتفعه او تخفيف العبء عن كاهل الافراد لزياده الانفاق الاستهلاكى الفردى والعائلى  اللى له دور كبير فى الاقتصاديات المتقدمه ومقارنته مع المسخ الصريبى اللى موجود عندنا
وان مفهوم الضريبه وفلسفتها عند الناس دى مختلف تماما عننا ، فبرغم ان الافراد الطبيعين هم الاساس فى النظام الضريبى الامريكى ( حوالى 82% من الضرائب المركزيه ناتجه عن الضرائب على الاشخاص الطبيعين) الا ان الدخل النقدى السنوى للفرد الامريكى والدخل الحقيقى له فى زياده مطرده وده الاساس ، وربما ان كثير من الرؤساء الامريكين مقتنعين بما يعرف بمنحنى لافر(ارتفاع الضرائب يعمل على خفض نسبه العمل والعكس صحيح) وكان على رأس هؤلاء من الرؤساء الامريكين رونالد ريجان واصلاحاته الضريبيه فى عام 1986 لذلك دائما وابدا لازم الحديث عن التخفضيات الضريبيه بيكون جزء اساسى فى برنامج اى رئيس اثناء انتخابه ، لكن الحال عندنا مختلف تماما
فالوظيفه الاساسيه للضريبه المساهمه فى تحقيق نمو اقتصادى مقبول مع تحقيق عداله اجتماعيه للشعوب (اعاده توزيع الدخل والثروه) ، وللاسف ده مش موجود عندنا وان كل الانظمه اللى مرت على مصر كان تفكيرها الاول التفتيش فى جيوب المصريين اولا دون مراعاه حقيقيه للدخل والثروه لافراد الشعب المصرى ودون النظر الى ان الدخل النقدى والحقيقى فى تناقص مستمر نتيجه لارتفاع التضخم ، ودون تحقيق عداله اجتماعيه او حتى كفائه اقتصاديه وبدلا من اصلاح النظام الضريبى ومحاربه التهرب منه يتم فرض ضرائب جديده على المواطنين ، فغالبا المحصله الضريبيه كماهو معروف تتراوح ما بين 20% -25% من الناتج المحلى اى بما يعادل فى مصر حوالى 700-800 مليار جنيه نجد ان حصيله الضرائب لا تتجاوز 400 مليار جنيه نتيجه التشوه فى النظام الضريبى المصرى والتهرب الضريبى العلنى لكبار الاغنياء وعلى سبيل الذكر فعائله ساويرس وتحديدا احدهم عليه حكم نهائى لعدم سداد القسط الثانى من التصالح الضريبى الذى تم فى عهد محمد مرسى ورغم ذلك يعيش حرا طليقا
ان تحقيق الضرائب التصاعديه على كل فئه هو نظام معمول به فى الاقتصاديات المتقدمه وعلى رأسها امريكا فلابد ان تتناسب الضريبه مع الدخل النقدى للافراد او للشركات ، فالضريبه الموحده يتحمل عبئها اكثر اصحاب الدخول المتدنيه من الافراد او الشركات واعتقد ان الكل يتذكر حكومه تاتشر التى سقطت بعد 11 عاما من حكم انجلترا نتيجه لتطبيق ضريبه الرأس ( poll tax) والتى كانت ضريبه موحده دفعت حكومه تاتشر ثمنها فى انتخابات 1991
وللاسف ان من ينتقدون مدرسه العرض (تخفيض الضرائب بشكل كبير) ويزعمون انها تحمل الحكومات نفقات كثيره وربما الاستدانه نرد عليهم بان سياسه الميزانيه هى السبب الاكبر فى تحمل الحكومات لنفقات كبيره واهمها النفقات التى تصرف على  الدفاع  وعلى اجمالى الانفاق الحكومى ولنرجع الى عهد كلينتون كأول رئيس ديمقراطى جمع الميزه بين خفض الضرائب وتخفيض الانفاق الحكومى كهدف رئيسى فى برنامجه الانتخابى واستفاد جدا من برنامج بوش الاب وقبله ريجان فى مسأله تخفيض الضرائب واكمل كلينتون الجزء الثانى من المعادله بخفض الانفاق الحكومى الاجمالى ورأينا امريكا تحقق فائض فى ميزانيتها لاول مره منذ سبعينيات القرن الماضى
فى العامين الماضيين اتخذت اليابان والصين خطوات جريئه فى تخفيض الضرائب لانعاش الاقتصاد المتباطىء وزياده الانفاق الاستهلاكى كحل للخروج من شبح ازمه الركود ، اى ان هذه الدول تعالج الاعراض التى تصيب اقتصادياتها بيساسات توسعيه  لتخفيف العبء عن كاهل الشركات والافراد ، اما نحن فنزيد من هذه الاعباء فى ظل تضخم مرتفع وفى ظل دخول متدنيه وبعد ذلك نريد اصلاح اقتصادى حقيقى ، وهى اكذوبه دأب عليها النظام العسكرى فى مصر منذ 1952 ، فاقصى ما يمكن فعله نتيجه لهذه السياسات هى تحسن وقتى فى بعض القطاعات ما يلبث ان يرتد اسوء مما كان  ، فالكائنات التى تدير مصر سياسيا واقتصاديا هى كائنات خرافيه من الزمن القديم انتهت صلاحياتها منذ قرون