2017-10-25

لحظه مينسكى والاسواق الماليه (MINSKY MOMENT)

بسم الله الرحمن الرحيم
هيمان مينسكى عالم اقتصاد امريكى (1919-1996)  بنى نظريته عكس باقى الاقتصاديين الذين دائما يفسرون الازمات الاقتصاديه بتعرض الاقتصاد لصدمات خارجيه ، فى حين ان مينسكى كان له رأى مخالف بان النظام الاقتصادى الرأسمالى يولد صدمات داخليه  تسبب الازمه
 طب ازاى الكلام ده !
تفسير مينسكى للموضوع ده بان اوقات الازدهار بتزيد التدفقات الماليه للشركات والافراد  بما ان الوسطاء الماليين (البنوك)  فى اوقات الازدهار تتوسع فى التمويل المضاربى للشركات والافراد فى ظل وجود فائده منخفضه  
وبالتالى تزيد شهيه المخاطره عند الشركات والافراد ويكونوا اكتر تحملا لمخاطر المضاربه وبيتبع ذلك زياده معدلات المضاربه وتراكم الديون ومع تحول الاقتصاد من مرحله الاستقرار الى مرحله الزعزعه نتيجه للدوره الاقتصاديه نفسها ، ونتيجه ايضا ارتفاع معدلات الديون  ودخول مضاربين جدد همهم الاول تحقيق ارباح سريعه عن طريق المضاربه وخروج المضاربين اصحاب الخبره بارباحهم و يتحول الاقتصاد الرأسمالى من مرحله البنيه الماليه المحكومه بوحدات التمويل المتحوطه الى وحدات التمويل بالمضاربه (تمويل بونزى) اى ان فترات الازدهار والتفائل المصاحب لهذه الفتره يدفع الشركات والمستثمرين الى اتخاذ قرارات ذات مخاطر عاليه تدفع الى انهيار الاصول فى لحظه ما نتيجه المضاربه المجنونه  وتراكم الديون وكأحد الامثله البارزه فى هذا الشان هو الاقتصاد الصينى ، فالاقتصاد الصينى فى مرحله التعافى الاقتصادى بعد الازمه الماليه فى عام 2008 يعانى  من عوامل عدم الاستقرار المالى المتمثله فى التوسع  فى الائتمان للشركات والافراد لدفع نمو الانفاق الاستهلاكى وتحقيق معدلات نمو مرتفعه ، ورأينا العام الماضى حدوث ازمات كبيره للقطاع المصرفى نتيجه لارتفاع معدلات الديون الممنوحه للعملاء وعدم قدره الكثير منهم على سداد هذه الديون وقد كان التوسع فى منح الائتمان للاسر والشركات للاستثمار فى القطاع العقارى سببا  رئيسيا فى تراكم هذه الديون ولنا ان نعرف انه فى احصائيه عام 2015 بلغ حجم الانفاق من المواطنين الصينين فى شراء المنازل فى امريكا اكثر من 30 مليار دولار وهو حجم يفوق انفاق الامريكان انفسهم فى شراء المنازل ولنا ان نعرف ايضا  ان الديون للاسر قد ارتفعت  من 29.6% فى عام 2012 الى 44.3% عام 2016  كان منها حوالى 50% نتيجه لقروض عقاريه،  ومن الارقام المثيره للانتباه ان الديون بشكل عام سواء للشركات او الافراد تصل الى 3 اضعاف الناتج المحلى الاجمالى للصين والمقدر بحوالى 16 تريلون دولار بمعامل تعادل القوه الشرائيه (ppp)   و بالرغم من تحسن الكثير من المؤشرات الاقتصاديه فى الصين لكن منذ ايام حذر  محافظ البنك المركزى فى الصين من الوصول الى لحظه مبنسكى نتيجه  لتسارع وتيره الديون فى السنوات الاخيره سواء للشركات او للاسر
  والكثير من المحللين يرون ان الاقتصاد الصينى وهو اكبر ثانى اقتصاد على مستوى العالم يمتلك لحظه مينسكى خاصه به ، لكن ما زال امام الصين خلال السنوات القادمه الفرصه لعدم الوصول الى هذه اللحظه من خلال سيطره الدوله على النظام المصرفى  هناك وبالتالى عدم انهيار الاصول وتجنيب البنوك الصينيه مصير ليمان براذرزر وكذلك تجنيب الاقتصاد العالمى حدوث ازمه عالميه اخرى على غرار ازمه الرهون العقاريه عام 2008
ربما ان صرخه محافظ البنك المركزى الصينى للتحذير من الوصول الى لحظه مبنسكى  مع انزعاج  ريتشارد ثالر الفائز بجائزه  نوبل للاقتصاد عام 2017 من التفائل والثقه الزائده فى الدوره الاقتصاديه القائمه ، والتحذيرات الحاليه للبنوك المركزيه العالميه ان لم تتعاون فيما بينها من اجل تنسيق السياسات الماليه خصوصا وان الاصرار على اتباع سياسات ماليه مدفوعه بالتسير الكمى سيخلق ازمه ماليه جديده ، كما جاء على لسان كوشيك باسو كبير الاقتصاديين سابقا فى البنك  الدولى ، كذلك البعض يحذر حاليا من المستويات القياسيه التى وصلت اليها الاسواق الماليه ويشبهون هذه الفتره بالفتره قبل الاثنين الاسود عام 1987 وقد كان الصعود الكبير وقتها من عام 1982-1987 تبعه انهيار كبير بدء بفقدان الداو جونز قى يوم واحد 22.6% من قيمته  والتشابه بين هذه الفتره  حاليا وفتره ما قبل 1987 يكمن فى ان تقييم الاسهم العالميه الى العائد على الارباح كانت عند 24.9% ، وفى هذه الايام بلغ معدل التقييم 21.6% وفى امريكا وحدها ارتفع تقييم الاسهم الى العائد على الارباح الى 23.6%  ونفس الحال فى انجلترا فقد ارتفعت النسبه الى 24.2%  اى ان الارقام تبدو قريبه من المعدلات السابقه ،  وربما ان الفرق حاليا وبين الفتره السابقه هو انخفاض معدل المخاطر ، اعتقد ان هذه التحذيرات لابد وان تؤخذ فى عين الاعتبار خصوصا وانه من الناحيه الفنيه لدينا دوره زمنيه (دوره جغلر) مدتها 9 سنوات بدءت منذ قاع ازمه الماليه عام 2009 تنتهى فى بدايه 2018 واذا امتدت ربما تصل الى النصف الثانى من العام القادم ، كذلك فان الصعود العمودى بهذا الشكل اشبه بالفقاعه (BUBBLE) والتى من الممكن ان تنفجر فى اى لحظه ، وبناءا عليه فقد يكون ترجيحى الشخصى انه لن يتنتهى عام 2018 الا وقد حدث على الاقل تصحيح متوسط الاجل قوى للاسواق الماليه العالميه