2016-10-30

طباعه النقود وانخفاض معدل التغطيه الدولارى للجنيه المصرى

بسم الله الرحمن الرحيم
من يومين قرأت خبر عن البنك المركزى المصرى فى بيان له عن "النقد المطبوع " انه زاد فى يوليو الماضى بمقدار 7.2 مليار جنيه عن الشهر السابق له فى يونيو والذى وصل الى 16 مليار جنيه 
طبعا هناك اتهامات للبنك المركزى بالتوسع فى طبع النقود دون غطاء وهو ما يعنى كارثه للاقتصاد المصرى ، والبنك المركزى ينفى ذلك باعتبار ان عمليه طبع النقود تتم بغطاء يمثل 100%  وفى الحدود الامنه له،  وفى بيان للمركزى المصرى، اوضح مصادر تغطيه الجنيه المتمثله فى غطاء من الذهب ، سندات و اذون خزانه ، احتياطى نقدى من باقى العملات الاجنبيه ، فالاحتياطى من الذهب اصبح يمثل حوالى 5.8% بعد ان كان 6.5% وسندات واذون الخزانه اصبحت تمثل 53% بعد ان كانت 64.4% والاحتياطى من العملات الاجنبيه اصبح 14.5% بعد ان كان 29.1% 
بدايه خلينا نقول ان طبع النقود فى حد ذاته مش مشكله اذا كانت طباعه النقود تستخدم لتحفيز الاستثمار والتوسع الاقتصادى ، اما فى حاله استخدامه لتمويل عجز الموازنه - كما هو الحال فى مصر- فهنا تظهر المشكله ، وتصبح النقود الزائده عن معدل النمو الاقتصادى سببا اساسيا فى زياده مستوى الاسعار وارتفاع التضخم
والاصل فى اصدار النقود ان كل جنيه يتم طبعه لابد يقابله اصل للحفاظ على  سعر العمله مستقرا ، وبعد الاستغناء التدريجى عن غطاء الذهب ، اصبحت سله العملات المختلفه توازى  قيمه ما يتم طباعته ، وتظهر هنا اهميه التغطيه الدولاريه للجنيه المصرى فحسب بيانات سابقه فى اعوام 2007-208 كان لكل 100 جنيه غطاء دولارى يمثل 20 دولار وذلك بسعر الصرف وقتها وقيل ان معدل التغطيه الدولارى حاليا وصل الى دولار واحد فقط مقابل كل مائه جنيه نتيجه لشح المصادر الدولاريه التى تعانى منها مصر ، والتى بسببها اصبح البنك المركزى المصرى لا يستطيع الوفاء بالطلب المتزايد على الدولار وبالكاد يستوفى متطلبات السلع الاساسيه بعد لجؤه الى السوق الموازيه ، واصبح ضعف التغطيه الدولاريه للجنيه المصرى سببا اساسيا فى ضعف الجنيه المصرى وزياده معدلات التضخم وساهم فى توحش السوق الموازيه وبالتالى زياده ظاهره الدولره ، وبرغم نفى المركزى المصرى انه لا يقوم بطباعه النقود بدون غطاء الى ان الشواهد تقول عكس ذلك ويمكن لاى شخص عادى ان يرصد ظاهرتين تكذب البنك المركزى المصرى وهما: ارتفاع الاسعار الجنونى وارتفاع الذهب الجنونى ايضا ، فبرغم الاعلان عن معدل التضخم والذى وصل الى 14.9% رسميا وهو رقم بعيد عن الواقع الذى يقول ان نسبه التضخم تجاوزت 25%  ونجد ايضا ان سعر الذهب فى مصر خلال فتره قصيره زاد بنسبه 100% فى حين ان الذهب ارتفع فى الاسواق العالميه بنسبه لا تتجاوز 40%
وتحدثنا فى مشاركه سابقه عن خطوره التضخم  واثره السلبى على معدلات النمو وعلى معيشه الشعب المصرى الذى يصل فيه معدل الفقر الى 28% ، ولكن للاسف التخبط فى السياسه الماليه والنقديه فى ظل دوله عاجزه عن تقديم بدائل وحلول سياسيه واقتصاديه مقبوله بعيدا عن الاستدانه الداخليه والخارجيه، كل ذلك يدفع الاقتصاد المصرى الى الانهيار ، واصبح الاقتصاد المصرى مثل الثوب المهترء لا ينفع معه اصلاح الثقوب ، فما يحدث من حلول هى حلول مؤقته وتبدو السياسات وكأنها متضاربه ، فالدوله  تساهم فى ارتفاع معدلات التضخم بالتخلى عن عملتها بالتوسع فى اصدار النقود  بدون حساب حتى اصبح المعروض النقدى يتجاوز 2 تريليون جنيه وهو يمثل تقربا 65% من الناتج المحلى الاجمالى، مما جعل الناس تتخلى عن العمله الوطنيه فى مقابل الاحتفاظ بالعملات الاجنبيه الاكثر استقرارا (الدولره) ثم يبدوا النناقض من الجهه الاخرى  برفع اسعار الفائده الاسميه - التى لها بعض الاثار السلبيه على الاقتصاد - لسحب السيوله الزائده  ومواجهه غول التضخم الذى صنعته بيدها ، وحتى اذا سلمنا فرضا ان البنك المركزى يهدف من رفع الفائده الى خلق طلب على العمله المحليه وزياده معدلات الادخار الضعيفه (تقريبا 15% من الناتج الاجمالى المحلى ) وان الطبقه المتوسطه للشعب المصرى مع ارتفاع اسعار الفائده يزيد حجم انفاقها ، فان ذلك لن يجدى كثيرا فى تحقيق تلك الاهداف فى ظل تحول معدل الفائده الحقيقى الى السالب (معدل الفائده الاسمى - معدل التضخم )
ومع استنفاذ العالم لكل النظريات الاقتصادبه ، اعتقد ان الاوان لتجربه الاقتصاد الاسلامى كاحد الحلول للازمات الاقتصاديه ، واعتقد ان الوقت مناسب لتطبيقه فى مصر بعيدا عن التحزب للايدلوجيه  وكره كل ماهو اسلامى ، فمن وحهه نظرى ان ادوات التمويل الاسلامى مثل الصكوك الاسلاميه ترفع عن كاهل الدوله عبء الاستثمار ، كما ان صكوك الاستثمار الاسلاميه تساهم فى تمويل التنميه بدون مخاطر وهى مناسبه للحكومات ولرجال الاعمال والمستثمرين لسهوله تداولها ومرونتها  ، وايضا الصيغ الاسلاميه مثل المرابحه والمضاربه و المشاركه القائمه على مبدء الغنم بالغرم تبتعد بالمعاملات الاقتصاديه عن الربا وتزيل عن كاهل المستثمر عبء تكاليف الاقتراض كما يبعد عن البنوك نفسها عبء تمويل مشاريع وهميه
اعتقد ان الازمه العالميه فى عام 2008 اوجدت طلبا ملحا على استخدام الاقتصاد الاسلامى حتى نادى به عدد غير قليل من الاقتصاديين فى العالم الغربى، ولنا ان نعرف ان اجمالى الاصول الماليه الاسلاميه بنهايه عام 2015 بلغ 2 تريليون دولار ويتوقع لها نمو سنوى بمقدار 15% حتى عام 2020